ولو نهى الله تعالى عن التوحيد وسائر الطاعات لكانت قبيحة ، وأجازوا عليه ذلك.
كما أجازوا على الله فعل كلّ شيء ممكن لذاته ، فله أن يعذب أنبياءه وأولياء ويجعلهم في سجين ، وينعم شياطين الإنس والجن ويجعلهم في عليّين ، ويكون ذلك عدلاً وحسناً ، وذلك بناء على نفيهم الحكم والغايات. (١)
وهؤلاء المنكرون وإن رفعوا راية الإنكار ولكنّهم تراجعوا عنها باختراع معاني متعددة للحسن والقبح فسلّموا حكم العقل بالتحسين والتقبيح في بعضها دون البعض الآخر وليس التعرّف عليها بمهم.
وإنّما المهم في المقام دراسة أدلّتهم على الإنكار ، وإليك البيان :
الأوّل : لو كانا بديهيين لما اختلف فيه اثنان
لو كان العلم بحسن بعض الأفعال وقبحها ضرورياً لما وقع التفاوت بينه وبين العلم بزيادة الكل على الجزء ، والثاني باطل بالوجدان ، لوقوع الاختلاف بين العلمين ، فانّ العلم بزيادة الكلّ على الجزء أوضح وأبين من التحسين والتقبيح.
على هامش الاستدلال
الاستدلال كأنّه مبني على ردّ الدليل الأوّل للمثبتين حيث قالوا : إنّ حسن الأفعال وقبحها من الأُمور البديهية ، فردّ عليه النفاة بأنّه لو كان بديهياً ، لما تفاوت العلمان : العلم بزيادة الكلّ على الجزء وحسن العدل وقبح الظلم ، والعلوم الضرورية لا تتفاوت.
__________________
(١) موقف المتكلّمين : ١ / ٣٣١.