على كنزها ، وتكديسها.
وهذا البيان يفيد انّ للعلم مرحلة قويّة راسخة تصد الإنسان عن الوقوع في المعاصي والآثام ولا يكون مغلوباً للشهوات والغرائز.
٣. الاستشعار بعظمة الربّ وكماله وجماله
إنّ استشعار العبد بعظمة الخالق وتفانيه في حبّه ، يصدّه عن سلوك ما يخالف رضاه ، فانّ حبّه لجماله وكماله من العوامل الصادّة للعبد عن مخالفته.
إذا عرف الإنسان خالقه كمال المعرفة الميسورة ، وتعرَّف على معدن الكمال المطلق وجماله وجلاله ، وجد في نفسه انجذاباً نحو الحق ، وتعلّقاً خاصاً به بحيث لا يستبدل برضاه شيئاً ، فهذا الكمال المطلق هو الذي إذا تعرّف عليه الإنسان العارف ، يؤجج في نفسه نيران الشوق والمحبّة ، ويدفعه إلى أن لا يبغي سواه ، ولا يطلب سوى إطاعة أمره وامتثال نهيه. ويصبح كلّ ما يخالف أمره ورضاه منفوراً لديه ، مقبوحاً في نظره ، أشدّ القبح وعندئذ يصبح الإنسان مصوناً عن المخالفة ، بعيداً عن المعصية بحيث لا يؤثر على رضاه شيئاً وإلى ذلك يشير الإمام علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ بقوله : «ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك إنّما وجدتك أهلاً للعبادة». (١)
هذه النظريات الثلاث أو النظرية الواحدة المختلفة في البيان والتقرير تعرب عن أنّ العصمة قوّة في النفس تعصم الإنسان عن الوقوع في مخالفة الرب سبحانه وتعالى ، وليست العصمة أمراً خارجاً عن ذات الإنسان الكامل وهوية الخارجية.
__________________
(١) نقله في البحار : ٤١ / ١٤ من دون ذكر مصدره كما نقله في ٦٨ / ١٨٦ عن بعض المحقّقين.