وقال المرتضى : العصمة لطف الله الذي يفعله تعالى فيختار العبد عنده الامتناع عن فعل قبيح. (١)
فإذا كانت العصمة أمراً إلهياً وموهبة من مواهبه سبحانه ، فعندئذ هاهنا سؤال :
١. لو كانت العصمة موهبة من الله مفاضة منه سبحانه إلى رسله وأوصيائهم لم تعد عندئذ كمالاً ومفخرة للمعصوم حتّى يستحق بها التحميد ، فإنّ الكمال الخارج عن الاختيار كصفاء اللؤلؤ لا يستحق التحميد ، فإنّ الحمد إنّما يصحّ مقابل الفعل الاختياري وإليك الاجابة.
إفاضة العصمة بعد توفر أرضية صالحة
إنّ العصمة الإلهية لا تفاض للأفراد إلاّ بعد وجود قابليّات صالحة في نفس المعصوم تقتضي إفاضة تلك الموهبة إلى صاحبها ، تلك القابليات على قسمين : قسم خارج عن اختيار المعصوم ، وقسم واقع في إرادته واختياره ، امّا القسم الأوّل فيتلخص في عامل الوراثة والتربية.
أمّا الوراثة فهي القابليات التي ينتقل إلى المعصوم من آبائه وأجداده عن طريق الوراثة فإنّ الأولاد كما يرثون أموال الآباء وثرواتهم ، هكذا يرثون أوصافهم الظاهرية والباطنية ، فترى أنّ الولد يُشبه الأب أو العمّ ، أو الأُمّ أو الخال ، وقد جاء في المثل : الوالد الحلال يُشبه العمَّ أو الخالَ.
وعلى ذلك فالروحيات الصالحة أو السيئة تنتقل عن طريق الوراثة إلى الأولاد فنرى ولد الشجاع شجاعاً ، وولد الجبان جباناً إلى غير ذلك من الأوصاف
__________________
(١) أمالي المرتضى : ٢ / ٣٤٧ ، ط مصر ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.