٤
العصمة وسلب الاختيار
انّ من أبرز الشبهات الطارئة حول العصمة هي انّ العصمة تسلب الاختيار عن صاحبها ، فلا يقدر معها على ارتكاب المعصية ، ومعه لا تصبح العصمة مكرمة وفضيلة.
وهذه الشبهة هي التي أشار إليها السيد الشريف المرتضى وقال :
ما حقيقة العصمة التي يُعتقد وجوبُها للأنبياء والأئمّة ـ عليهمالسلام ـ؟ وهل هي معنى يضطر إلى الطاعة ويمنع من المعصية ، أو معنى يضام الاختيار؟ فإن كان معنى يضطر إلى الطاعة ويمنع من المعصية ، فكيف يجوز الحمد والذم لفاعلها؟ وإن كان معنى يضام الاختيار فاذكروه ، ودُلّوا على صحّة مطابقته له. (١)
والجواب : انّ العصمة لا تسلب الاختيار عن الإنسان بأي معنى فسرت ، سواء أقلنا بأنّها الدرجة العليا من التقوى ، أو أنّها نتيجة العلم القطعي بعواقب المآثم والمعاصي ، أو أنّها أثر الاستشعار بعظمة الرب والمحبة لله سبحانه (٢) ، وعلى كل تقدير فالإنسان المعصوم مختار في فعله ، قادر على كلا طرفي القضية من الفعل
__________________
(١) أمالي المرتضى : ٢ / ٣٤٧.
(٢) إشارة إلى التعابير الثلاثة في شرح حقيقة العصمة.