الطائفة الأُولى : ما يمس ظاهرها عصمة جميع الأنبياء
الآية الأُولى
قوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ). (١)
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ). (٢)
استدل القائل بعدم عصمة الأنبياء بظاهر الآية قائلاً بأنّ الضمائر الثلاثة في قوله : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) ترجع إلى الرسل ، ومفاد الآية انّ رسل الله سبحانه وأنبياءه كانوا يُنذرون قومهم ، وكان القوم يخالفونهم أشدَّ المخالفة ، وكان الرسلَ يعدون المؤمنين بالنصر عن الله والغلبة ويُوعدون الكفّار بالهلاك والإبادة ، لكن لما تأخّر النصرُ الموعود وعقاب الكافرين «ظن الرسل أنّهم قد كذبوا» فيما وعدوا به من جانب الله من نصر المؤمنين وإهلاك الكافرين ، ومن المعلوم انّ هذا الظن سواء أكان بصورة الإذعان واليقين أم بصورة الزعم والميل إلى ذاك الجانب ، اعتقاد باطل لا يجتمع مع العصمة.
وإن شئت تفسير الآية فعليك بإظهار مراجع الضمائر بأن تقول : لما أخّرنا العقاب عن الأُمم السالفة ظن الرسل انّ الرسل قد كُذِبَ الرسل في ما وُعدوا به من النصر للمؤمنين والهلاك للكافرين.
__________________
(١) يوسف : ١٠٩.
(٢) يوسف : ١١٠.