٢
نظرية الحكماء
وهناك نظرية ثانية تفسر معنى كونه متكلّماً خصوصاً فيما إذا لم يكن هناك مخاطب خاص ، وحاصل هذه النظرية هو ما يلي :
إنّ الكلام في أنظار عامة الناس هو الحروف والأصوات الصادرة من المتكلم ، القائمة به ، وهو يحصل من تموج الهواء واهتزازه بحيث إذا زالت الأمواج زال الكلام معه. ولكن الإنسان الاجتماعي يتوسع في إطلاقه ، فيطلق الكلام على الخطبة المنقولة أو الشعر المرويّ عن شخص ، ويقول : هذا كلام النبي أو خطبة الإمام علي ـ عليهالسلام ـ ، مع أنّ كلامهما قد زال بزوال الموجات والاهتزازات ، وما هذا إلاّ من باب التوسع في الإطلاق ومشاهدة ترتّب الأثر على المروي والمنقول.
وعلى هذا فكلّ فعل من المتكلّم أفاد نفس الأثر الذي يفيده كلامه من إبراز ما يكتنفه الفاعل في باطنه من المعاني والحقائق ، تصحّ تسميته كلاماً من باب التوسع والتطوير.
والذي يقرب ذلك انّ المصباح وضع حينما وضع على مصداق بسيط لا يعدو الغصن المشتعل ، ولكن لمّا كان أثره ـ وهو الإنارة ـ موجوداً في الجهاز الزيتي والغازي والكهربائي أُطلق على الجميع ؛ فإذا صحت تلك التسمية وجاز ذلك التوسع في لفظ «المصباح» ، يجوز في لفظ «الكلام» ، فهو وإن وضع يوم وضع للأصوات والحروف المتتابعة الكاشفة عمّا يقوم في ضمير المتكلّم من المعاني ، إلاّ