٣
نظرية الأشاعرة
إنّ وصف التكلّم في النظريتين الماضيتين عدّ من صفات الفعل ، فهو إمّا بخلق الأصوات والألفاظ يوصف بالتكلّم ، أو بخلق العالم من جواهره وأعراضه يوصف به ، لأنّ فعله يعرب عن كماله الذاتي كما يعرب الكلام اللفظي عمّا يقوم في ذهن المتكلّم من المعاني.
غير أنّ الأشاعرة ذهبت إلى أنّ وصف التكلّم من صفات ذاته كالعلم والقدرة وفسروا معنى كونه متكلّماً بالكلام النفسي ، وقالوا :
إنّ الكلام النفسي غير علمه سبحانه في الإخبار ، وغير إرادته وكراهته في الإنشاء مثلاً ، فإذا قال سبحانه مخبراً :
(إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ). (١)
فانّ هناك علماً ، وكلاماً نفسيّاً ، والثاني غير الأوّل.
وإذا قال سبحانه منشئاً حكماً شرعياً إيجابياً : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى). (٢) فهناك إرادة وكلام نفسي.
وإذا قال منشئاً نهياً تحريمياً : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ
__________________
(١) التوبة : ١١١.
(٢) البقرة : ٢٣٨.