بالنفس فنقول هذه المدلولات هي الكلام النفسي. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره صحيح ولكنه ليس شيئاً وراء العلم في الجمل الخبرية ولا غير الإرادة والكراهة في الجمل الإنشائية ، وذلك :
إنّ المعاني التي تدور في خلد المتكلم في الجمل الخبرية ليست إلاّ تصور المعاني المفردة أو المركبة أو الإذعان بالنسبة فيرجع الكلام النفسي إلى التصورات والتصديقات فأي شيء هنا وراء العلم حتّى نسمّيه بالكلام النفسي.
كما أنّه عند ما يرتّب المعاني الإنشائية فلا يرتّب إلاّ إرادته وكراهته أو ما يكون مقدّمة له ، كتصور الشيء والتصديق بفائدته ، فيرجع الكلام النفسي في الإنشاء إلى الإرادة والكراهة بضميمة تصور أُمور يعدّ من مقدماتهما ، فأي شيء هنا غير الإرادة والكراهة وغير التصور والتصديق حتّى نسمّيه بالكلام النفسي.
وعلى ضوء ذلك لا يكون التكلّم وصفاً وراء العلم في الاخبار ووراء الإرادة والكراهة في الإنشاء مع أنّ الأشاعرة يصرّون على إثبات وصف ذاتي لكلّ متكلّم واجباً كان أو ممكناً وراء العلم والإرادة والكراهة ، ولذلك يقولون : كونه متكلّماً بالذات غير كونه عالماً ومريداً بالذات.
وحصيلة الكلام : انّ الأشاعرة زعموا انّ في ذهن المتكلّم في الجملة الخبرية والإنشائية وراء التصوّرات والتصديقات في الأُولى ، ووراء الإرادة في الثانية شيئاً يسمّونه الكلام النفسي ، وربّما سمّوا الكلام النفسي في القسم الإنشائي بالطلب مشعرين بتغايره مع الإرادة ، وبذلك صحّحوا كونه سبحانه متكلّماً ، ككونه عالماً وقادراً ، وانّ الكلّ من الصفات الذاتية.
__________________
(١) نهج الحق ، المطبوع في ضمن دلائل الصدق : ١٤٦.