٢
في حدوث كلامه سبحانه أو قدمه
وقبل الخوض في المقصود نقدّم أُموراً :
١. مبدأ فكرة قدم القرآن
الفتوحات الإسلامية أوجبت اختلاط المسلمين بغيرهم وصارت مبدأ لاحتكاك الثقافتين الإسلامية والأجنبية ، وفي ذلك الخضمّ المشحون بتضارب الأفكار طُرِحت مسألة تكلّمه سبحانه في الأوساط الإسلامية. هذا من جانب.
ومن جانب آخر ، كان الخلفاء يروّجون الخوض في المسائل العقائدية حتّى تنصرف الطبقة الفاضلة عن نقد أفعالهم وانحرافاتهم.
فالمهم في المقام التنبيه على مصدر هذه الفكرة (قدم القرآن أو حدوثه) فنقول : إنّ البحث في كونه مخلوقاً أو غير مخلوق ، حادثاً أو قديماً ممّا أثاره النصارى الذين كانوا في بلاط البيت الأُموي ، وعلى رأسهم يوحنا الدمشقي (المتوفّى ١١٢ ه) الذي كان يشكّك المسلمين في دينهم ، فبما انّ القرآن عدّ عيسى بن مريم (كلمة الله) حيث قال : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ) صار ذلك وسيلة لئن يبثّ هذا الرجل بين المسلمين قدم «المسيح» عن طريق خاص ، وهو أنّه كان يسألهم : أكلمة الله قديمة أو لا؟