كان موقفهم وفي مقدمهم أحمد بن حنبل موقف الإيجاب وتكفير المخالف.
٣. طرح المسألة في ظروف عصيبة
إنّ تاريخ البحث عن حدوث القرآن وقدمه يعرب عن أمرين :
أ. انّ المسألة طرحت في جو غير هادئ ، ولم يكن البحث لغاية كشف الحقيقة وابتداعها ، بل كلّ يصرّ على إثبات مدّعاه.
ب. لم يكن موضوع البحث منقَّحاً حتّى يتوارد عليه النفي والإثبات ، وانّهم لما ذا يفرّون من القول بحدوث القرآن؟ ولما ذا يكفّرون القائل به؟ أهم يريدون من قدم القرآن ، قدم الآيات التي يتلوها القارئ أو النبي أو أمين الوحي؟ أم يريدون قدم معانيه والمفاهيم الواردة فيه؟ أو يريدون قدم علمه سبحانه إلى غير ذلك من الاحتمالات التي سيوافيك مع أنّهم لم يركّزوا البحث على واحد منها.
إذا علمت هذه الأُمور فلنرجع إلى تحليل القول بحدوث القرآن وقدمه ، فنقول :
تحليل مسألة القول بقدم القرآن
إنّ محط النزاع لم يُحدد بشكل واضح يقدر الإنسان معه على القضاء فيه ، فهاهنا احتمالات يمكن أن تكون محطّ النظر لأهل الحديث والأشاعرة نطرحها على بساط البحث ونطلب حكمها من العقل الحصيف والقرآن الكريم :
١. الألفاظ والجمل الفصيحة البليغة التي عجز الإنسان في جميع القرون عن الإتيان بمثلها ، وقد جاء بها أمين الوحي إلى النبي الأكرم ، وقرأها الرسول فتلقّتها الأسماع وحرّرتها الأقلام على الصحف المطهرة. فهي ليست بمخلوقة على الإطلاق لا لله سبحانه ولا لغيره.