قال سبحانه : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). (١)
وهذا التحليل يُعرِبُ عن أنّ المسألة كانت مطروحة في أجواء مُشَوّشة وقد اختلط فيها الحابُل بالنابِل ، ولم يكن محط البحث محرّراً على وجه الوضوح حتّى يعرف المُثْبَت عن المَنْفي ، ويُمخض الحق من الباطل.
موقف أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ في هذه المسألة
إنّ تاريخ البحث وما جرى على الفريقين من المحن ، يشهد بأنّ التشدّد فيه لم يكن لإحقاق الحقّ وإزاحة الشكوك ، بل استغلت كلّ طائفة تلك المسألة للتنكيل بخصومها. فلأجل ذلك نرى أنّ أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ منعوا أصحابهم من الخوض في تلك المسألة ، فقد سأل الرّيّان بن الصَّلْت الإمام الرضا ـ عليهالسلام ـ وقال له : ما تقول في القرآن؟
فقال ـ عليهالسلام ـ : «كلامُ الله لا تَتَجاوَزُوهُ وَلا تَطْلبوا الهُدى في غَيرِه ، فَتَضِلّوا». (٢)
وروى علي بن سالم عن أبيه قال : سألت الصادق جعفر بن محمد ـ عليهالسلام ـ فقلت له : يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟
فقال : «هو كلامُ الله ، وقولُ الله ، وكتابُ الله ، ووحيُ الله ، وتنزيلُه. وهو الكتاب العزيز لا يأتيه الباطل من بين يَدَيْه ولا من خلفه ، تنزيلٌ من حكيم حميد». (٣)
__________________
(١) الإسراء : ٨٨.
(٢) التوحيد للصدوق ، باب القرآن ما هو ، الحديث ٢ ، ص ٢٢٣.
(٣) التوحيد ، للصدوق ، باب القرآن ، الحديث ٣ ، ص ٢٢٤.