وإليك دراسة كلتا النظريتين :
١. مبتدعة السلفية
إنّ غالبية السلف اغترّوا بكل حديث وقعت أعينهم عليه ، فجمعوا في حقائبهم كلّ ما سمعوه ، وبالتالي أخذوا بالظواهر وتركوا الاستعانة بالقرائن ، ووصفوا كلّ بحث حول المعارف القرآنية تأويلاً للقرآن وخروجاً عن الدين ، وكبحوا جماح العقل بتهمة الزندقة ، فوصفوا الكمال المطلق بالحلول والنزول والصعود والاستواء على السرير ، ترى كثيراً من هذه الأحاديث في مرويات حمّاد بن سلمة ، ونعيم بن حماد ، ومقاتل بن سليمان ، ومن لفّ لفّهم ، ففي مرويّاتهم تلك الآثار المشينة ، وقد قلّدهم كثير من البسطاء في القرون المتأخرة فحسبوها حقائق راهنة وألفوا فيها الكتب.
وعلى هذا الأساس ألّف كتاب «التوحيد» لمحمد بن إسحاق بن خزيمة (المتوفّى ٣٢١ ه) وكتاب «السنّة» لعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وكتاب «النقض» لعثمان بن سعيد الدارمي السجزي المجسّم فانّه أوّل من اجترأ من المجسمة بالقول بأنّ الله لو شاء لاستقرّ على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته فكيف على عرش بعيد؟!!
هذا هو الشهرستاني يحكي عقيدة مبتدعة السلف الذين يجرون الصفات الخبرية على الله بمعانيها الحرفية من دون تدبر فيما هو المراد الواقعي من خلال هذه الصفات ، ويقول
وأمّا ما ورد في التنزيل من الاستواء والوجه واليدين والجنب والمجيء والإتيان والفوقية وغير ذلك ، فأجروها على ظاهرها ، أعني : ما يفهم عند إطلاق