اندرس من آثار تلك الطائفة المشبّهة ، وقد وصفه السبكي في «السيف الصقيل» : «بأنّه رجل جسور يقول بقيام الحوادث بذات الرب» ، ولكنّه يقول بأنكر من ذلك ، وقد أتى بنفس ما ذكره الدارمي المجسم في كتابه «غوث العباد» المطبوع بمصر عام ١٣٥١ ه ـ في مطبعة الحلبي.
وعلى ذلك فابن تيمية أذن إمام المدافعين عن بيضة أهل التشبيه وشيخ إسلام أهل التجسيم ممّن سبقه من الكرامية وجهلة المحدّثين ، الذين اهتموا بالحفظ المجرد ، وغفلوا عن الفهم والتفكير ، ولأجل ذلك نرى أنّ الشيخ الحراني يرمي المفكّرين من المسلمين كإمام الحرمين والغزالي في كتابيه (منهاج السنة والموافقة المطبوع على هامش الأوّل) ، بأنّهما أشدّ كفراً من اليهود والنصارى مع أنّه (أي ابن تيمية) يعتنق عقائد يخالف فيها جمهرة المسلمين وأئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ.
٢. معطلة السلفية
لمّا كانت هذه الفكرة تُخبر عن التجسيم والجهة وغير ذلك من المضاعفات حاول الإمام الأشعري (٣٢٤٢٦٠ ه) بإصلاح عقيدة أهل الحديث بشق طريق متوسط بين الأخذ بالصفات الخبرية بحرفيتها وبين تأويلها الذي كان عليه المعتزلة فصارت عقيدة الأشعري عقيدة معدّلة.
وحاصل تلك النظرية : انّ الصفات الخبرية تُحمل على الله تعالى بنفس معانيها ولكن مقيدة بعدم الكيف ، فله سبحانه يد بلا كيف ، وعين بلا كيف ، ورجل بلا كيف ، واستواء بلا كيف ، ومعنى كونه بلا كيف انّه لا يعرف كنه الصفة ولسنا مكلّفين بمعرفة تفسير هذه الآيات.
وهذه الطائفة وإن خرجت عن مغبّة التشبيه والتجسيم غير انّهم تورّطوا في أشراك التعطيل وحبائله ، فعطّلوا العقول عن التفكّر في المعارف والأُصول كما