التجوّز بإطلاق البداء على ما قلناه ، فنحن نازلون على حكمه فليبدل لفظ البداء بما يشاء «وليتّق الله ربّه» في أخيه المؤمن «ولا يبخس منه شيئاً» (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ* بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١). (٢)
كلام المصلح الكبير كاشف الغطاء في البداء
وممّن صرّح بأنّ النزاع بين الشيعة والسنة نزاع لفظي ، وأنّ الإيجاب والسلب من الطرفين لا يتوجهان على موضوع واحد ، هو العلاّمة المصلح الكبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء حيث يقول في كتاب «الدين والإسلام» :
يحسب عامّة المسلمين (جمع الله كلمتهم) أنّ هذه الكلمة (البداء) ممّا انفردت به الإمامية واعتدُّوها شناعة عليهم ، ولو تمحّصت الحقائق واستوضحت المقاصد وزالت أغشيةُ الأوهام التي تحول بين الحقيقة والأفهام لانكسرت السورة وانكبحت الشرّة ، ولعرف الجميع أنّهم متّفقون على مقالة واحدة وأنّ النزاع بينهم لم يكن إلاّ لفظياً.
وهكذا أكثر الخلافيات التي تضارب فيها المسلمون ، التضارب الذي جرّ عليهم الويلات وآل بجمعهم إلى الشتات وصيّرهم بالحالة التي تراها وتسمع بها اليوم ، وكلّ تلك المنازعات إلاّ الطفيف قد عملت فيها عوامل الشدّة ونظر الشنآن والحدّة وعدم التروّي والأناة في تبلُّغ المقاصد وتفهُّم المرامي والغايات ، حتّى بلغ الأمر إلى أوخم عاقبة وأسود مغبّة ، وإلى الله المشتكى والرغبةُ في إدالة هذه الحال والنزوع عن تلك الضرائب فإنّه الحريّ بالإجابة إن شاء الله. (٣)
__________________
(١) هود : ٨٥ ـ ٨٦.
(٢) أجوبة مسائل جار الله : ١٠١ ـ ١٠٣.
(٣) الدين والإسلام : ١ / ١٦٩١٦٨.