الدين بقوله : إنّ النسخ قد يجوز على وجه البداء ، وهو أن يأمر الله عز وجلّ عندهم بالشيء ولا يبدو له ، ثمّ يبدو له فيغيّره ، ولا يريد في وقت أمره به أن يغيّره هو ويبدله وينسخه ، لأنّه عندهم لا يعلم الشيء حتّى يكون ، إلاّ ما يقدره فيعلمه علم تقدير ، وتعجرفوا فزعموا انّ ما نزل بالمدينة ناسخ لما نزل بمكة. (١)
هذا كلام البلخي الذي هو من أئمّة المعتزلة.
وكلامه يعرب عن أنّه تبع ظاهر حرفية البداء ولم يرجع فيه إلى تأليف شيعي أو رواية مرويّة عن أئمّتهم ، ولذلك قال الشيخ الطوسي بعد كلامه :
وأظن انّه عنى بهذا أصحابنا الإمامية ، لأنّه ليس في الأُمّة من يقول بالنصّ على الأئمّة ـ عليهمالسلام ـ سواهم. فإن كان عناهم فجميع ما حكاه عنهم باطل وكذب عليهم ، لأنّهم لا يجيزون النسخ على أحد من الأئمّة ـ عليهمالسلام ـ ، ولا أحد منهم يقول بحدوث العلم. (٢)
٢. أبو الحسن الأشعري (٢٦٠ ـ ٣٢٤ ه)
إنّ الشيخ أبا الحسن الأشعري تربّى في أحضان الاعتزال طيلة أربعة عقود ، ولكنّه عدل عن الاعتزال والتحق عام ٣٠٥ ه ـ بركب إمام الحنابلة أحمد بن حنبل في تفكيره وعقيدته وألّف كتاباً باسم «مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين» وقد ذكر فيه عقائد الشيعة وقال : وكلّ الروافض إلاّ شرذمة قليلة يزعمون انّه يريد الشيء ثمّ يبدو له.
وتبعه محقّق الكتاب وفسّر كلامه وقال : أي يظهر له وجه المصلحة بعد
__________________
(١) التبيان : ١ / ١٣ ـ ١٤ ، ط النجف عام ١٣٧٦.
(٢) التبيان : ١ / ١٤١٣.