١. حادثة رفع العذاب عن قوم يونس
أخبر يونسُ قومَه بنزول العذاب ثمّ ترك القوم وكان في وعده صادقاً معتمداً على مقتضي العذاب الذي اطّلع عليه ، لكن نزول العذاب كان مشروطاً بعدم المانع ، أعني : التوبة والتضرّع ، إذ مع المانع لا تجتمع العلة التامة للعذاب ، قال سبحانه : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ). (١)
أخرج عبد الرزاق عن طاوس في قوله : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (٢) قال : قيل ليونس ـ عليهالسلام ـ : إنّ قومك يأتيهم العذاب يوم كذا وكذا ... فلمّا كان يومئذ ، خرج يونس ـ عليهالسلام ـ ففقده قومه ، فخرجوا بالصغير والكبير والدواب وكلّ شيء ، ثمّ عزلوا الوالدة عن ولدها ، والشاة عن ولدها ، والناقة والبقرة عن ولدها ، فسمعت لهم عجيجاً فأتاهم العذاب حتّى نظروا إليه ثمّ صرف عنهم فلما لم يصبهم العذاب ، ذهب يونس ـ عليهالسلام ـ مغاضباً فركب في البحر في سفينة مع أناس ... الخ. (٣)
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : لمّا بعث الله يونس ـ عليهالسلام ـ إلى أهل قريته ، فردوا عليه ما جاءهم به ، فامتنعوا منه ، فلمّا فعلوا ذلك أوحى الله إليه إنّي مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا ، فأخرج من بين أظهرهم ، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إيّاهم ، فقالوا : ارمقوه فإن هو خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم ، فلمّا كانت الليلة التي وُعِدُوا
__________________
(١) يونس : ٩٨.
(٢) الصافات : ١٣٩ ـ ١٤٠.
(٣) الدر المنثور : ٧ / ١٢١.