فقد أخبر إبراهيم ـ عليهالسلام ـ بذلك ، بطريق من طرق الوحي ، وأخبر هو ولده بذلك ، ومع ذلك كلّه لم يتحقّق ونُسخ نسخاً تشريعياً ، كما لم يتحقّق ذبح إبراهيم إسماعيل في الخارج فكان نسخاً تكوينياً.
ويحكي عن كلا الأمرين قوله سبحانه : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ). (١)
وسيوافيك انّ اخبار الأنبياء عن حوادث مستقبلية مع عدم وقوعها لا يستلزم كذبهم ولا يمسّ كرامتهم بشيء ، وذلك لدلالة القرائن على وجود المقتضي للحوادث وإنّما لم يقع لأجل موانع حالت بين المقتضي وتأثيره.
ثمّ إنّه سبحانه يحكي لنا عزمَ إبراهيم لذبح ولده ، وانّ الوالد والولد سلّما ما أُمرا به ، ووضع إبراهيم وجهه للأرض (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) فلمّا أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه ، نودي مِن خلفه أن يا إبراهيمُ قد صدّقتَ الرؤيا وخرجتَ من الاختبار مرفوع الرأس ، قال سبحانه :
(فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ* وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ* وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ* سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ* كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ). (٢)
٣. حادثة إكمال ميقات موسى ـ عليهالسلام ـ
ذكر المفسّرون انّه سبحانه واعد موسى ثلاثين ليلة ، فصامها موسى ـ عليهالسلام ـ وطواها ، فلمّا تمّ الميقات استاك بلحاء شجرة فأمره الله تعالى أن يُكْمل بعشر ، يقول
__________________
(١) الصافات : ١٠٧.
(٢) الصافات : ١١١١٠٣.