نبيّ بعده اسمه أحمد ، يقول سبحانه حاكياً عن المسيح : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ). (١)
فهذا النوع من التنبّؤ لا يخضع للبداء ، لأنّه على طرف النقيض من مصالح النبوّة ، إذ معنى ذلك إيجاد الفوضى عند ظهور النبيّ اللاحق. وقس على هذين المورد ، ما ورد عنه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حول المهدي وظهوره وبسطه العدل والقسط.
وبذلك يعلم أنّ ما يخضع للبداء في مقام الإثبات أُمور نادرة تتعلّق بأُمور خارجة عن النظام التشريعي والعقائدي ونسبتها إلى غيرها كنسبة الواحد إلى الأُلوف ، فلا يُورِث البداء في مثل تلك الأُمور أيّ شك وترديد في تنبّؤات الأنبياء.
أضف إلى ذلك انّه يشترط في صحّة البداء وقوعه في حياة المخبر ، كما هو الحال في قصة الخليل ويونس والمسيح والنبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وعلى ذلك فما أخبر به النبي والوصي يحدد احتمال ظهور الخلاف بحياتهم ، فإذا انقضت آجالهم فلا يبقى أيّ موضوع للبداء.
فنخرج بالحصيلة التالية : انّ كلّ ما ورد في القرآن والسنّة والآثار بعد رحيل النبيّ من الأخبار أُمور محتومة لا يتطرّق إليها البداء.
الرابعة : البداء ومسألة جفّ القلم
إذا كان البداء بمعنى تغيير المصير بالأعمال الصالحة والطالحة فهو لا يجتمع مع ما روي عن النبي من أنّه قال لأبي هريرة : «جفّ القلم بما
__________________
(١) الصف : ٦.