الكلمة من معنى ، فقد مارس ما هو شأن الحاكم السياسي من تشكيل جيش منظم ، وعقد معاهدات ومواثيق مع الطوائف الأُخرى ، وتنظيم الشئون الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية ممّا يتطلّبه أي مجتمع منظم ذو طابع قانوني ، وصفة رسمية ، وصيغة سياسية ، واتخاذ مركز للقضاء وإدارة الأُمور وهو المسجد ، وتعيين مسئوليات إدارية ، وتوجيه رسائل إلى الملوك والأُمراء في الجزيرة العربية وخارجها ، وتسيير الجيوش والسرايا وبذلك يكون الرسول الأعظم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أوّل مؤسس للدولة الإسلامية التي استمرت من بعده ، واتسعت وتطورت وتبلورت ، واتخذت صوراً أكثر تكاملاً في التشكيلات والمؤسسات وإن كانت الأُسس متكاملة في زمن المؤسس الأوّل ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
ومن ملامح تأسيس حكومته قيامه بأُمور تعد من صميم العمل السياسي والنشاط الإداري الحكومي ، نذكر من باب المثال لا الحصر :
١. انّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عقد بين أصحابه وبين الطوائف والقبائل الأُخرى المتواجدة في المدينة كاليهود وغيرهم اتفاقية وميثاقاً يعتبر في الحقيقة أوّل دستور للحكومة الإسلامية.
٢. انّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ جهز الجيوش وبعث السرايا إلى مختلف المناطق في الجزيرة ، وقاتل المشركين وغزاهم ، وقاتل الروم ، وقام بمناورات عسكرية لارهاب الخصوم ، وقد ذكر المؤرخون أنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ خاض أو قاد خلال ١٠ أعوام من حياته المدنية ٨٥ حرباً بين غزوة وسريّة.
٣. بعد ان استتبّ له الأمر في المدينة وما حولها وأمن جانب مكة وطرد اليهود لتآمرهم ضد الإسلام والمسلمين من المدينة وما حولها وقلع جذورهم ، توجه باهتمام خاص إلى خارج الجزيرة ، وإلى المناطق التي لم تصل إليها دعوته ودولته