ما جاء به النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وانّه لولاها لأصبحت تلك القوانين حبراً على ورق من دون أن تظهر في المجتمع آثارها ، فانّ الإسلام ليس مجرّد أدعية خاوية أو طقوس ومراسيم فردية يقوم بها كلّ فرد في بيئته ومعبده ، بل هو نظام سياسي ومالي وحقوقي واجتماعي واقتصادي واسع وشامل ، وما ورد في هذه المجالات من قوانين أو أحكام ، تدلّ بصميم ذاتها على أنّ مشرّعها افترضَ وجودَ حاكم يقوم بتنفيذها ورعايتها ، لأنّه ليس من المعقول سنّ مثل هذه القوانين دون وجود قوة مجرية وسلطة تنفيذية تتعهد بإجرائها وتتولّى تطبيقها مع العلم بأنّ سنّ القوانين وحده لا يكفي في تنظيم المجتمعات ، وإلى هذا الدليل يشير السيد المرتضى بقوله :
إنّه سبحانه وتعالى يأمرنا بالاستجابة لله وللرسول إذا دعا لما فيه حياتنا ، يقول سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ). (١)
وفسّرت الآية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإذا كان الأمر والنهي كما تُوحي هذه الآيات مبدأ للحياة وجب أن يكون للناس إمام يقوم بأمرهم ونهيهم ويقيم فيهم الحدود ، ويجاهد فيهم العدو ، ويقسم الغنائم ، ويفرض الفرائض ويحذِّرهم عمّا فيه مضارهم ، ولهذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب بقاء الخلق فوجبا ، وإلاّ سقطت الرغبة والرهبة ولم يرتدع أحد ، ولفسد التدبير ، أو كان ذلك سبباً لهلاك العباد. (٢)
نظام الإمامة والخلافة في الإسلام
قد عرفت أنّ الحكومة ضرورة ملحة ولا تحتاج إلى إقامة برهان وقد وردت
__________________
(١) الأنفال : ٢٤.
(٢) المحكم والمتشابه ، للسيد المرتضى : ٥٠.