تمهيد
إنّ للشخصية الإنسانية أبعاداً مختلفة ، ومن تلك الأبعاد كون الإنسان فاعلاً مختاراً فيما يفعل أو يترك ، أو كونه مسيّراً قد رُسِم مصيرُ حياته بيد القَدَر أو عامل آخر ـ كما سيوافيك ـ ولا محيص له إلاّ السير في الطريق الذي خُطّ له.
مع انّ دراسة هذا البعد من أبعاد الشخصية الإنسانية دراسة مسألة فلسفية محضة يَلجها كبارُ الحكماء والفلاسفة عبْر القرون ولهم فيها آراء وأفكار ، لكنّها وفي الوقت نفسه مسألة يشتاق إلى فهمها عامّة الناس وقلّما وجدت في حياة الإنسان مسألة لها تلك الميزة ، وفي الحقيقة هي من إحدى المسائل الأربع التي يتطلّع إلى فهمها الجميع ألا وهي :
١. من أين جاء إلى الدنيا؟
٢. لما ذا جاء إليها؟
٣. إلى أين يذهب؟
٤. وهل هو في إعماله مخيّر أو مسير؟
ولأجل ذلك لا يمكن تحديد الزمن الذي طُرِحت فيه مسألة الجبر والاختيار ، كما لا يمكن تحديد مكانها ، وإنّ باذرها هل هو إفريقي أو روميّ أو هندي أو صيني أو إيراني؟ وعلى كلّ تقدير فللمسألة جذور عميقة في تاريخ حياة