القرينة السادسة : قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بعد بيان الولاية : «فليبلّغ الشاهد الغائب» ، أوَتحسب أنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يؤكّد هذا التأكيد في تبليغ الغائبين أمراً علمه كلُّ فرد منهم بالكتاب والسنّة من الموالاة والمحبّة والنصرة بين أفراد المسلمين مشفوعاً بذلك الاهتمام والحرص على بيانه؟ لا أحسب أنّ ضئولة الرأي يُسفُّ بك إلى هذه الخطّة ، لكنّك ولا شك تقول : إنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لم يُرد إلاّ مهمّة لم تُتَح الفرص لتبليغها ولا عرفته الجماهير ممّن لم يشهدوا ذلك المجتمع ، وما هي إلاّ مهمّة الإمامة التي بها كمال الدين ، وتمام النعمة ، ورضا الربّ ، وما فهم الملأ الحضور من لفظه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إلاّ تلك ، ولم يؤثر له ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لفظ آخر في ذلك المشهد يليق أن يكون أمره بالتبليغ له ، وتلك المهمّة لا تساوق إلاّ معنى الأولى من معاني المولى. (١)
الغدير في الكتاب الكريم
شاء سبحانه أن يبقى حديث الغدير غضّاً طرياً لا يبليه الحدثان ، فأنزل حوله آيات ناصعة البيان ، نقتصر على ذكر آيتين منها :
١. آية البلاغ
قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ). (٢)
صرّح غير واحد من الحفاظ والمحدّثين بنزول الآية يوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة حجة الوداع لمّا بلغ النبي الأعظم غدير خُمّ فأتاه جبرئيل فقال : يا
__________________
(١) الغدير : ١ / ٦٥٦ ـ ٦٥٨.
(٢) المائدة : ٦٧.