اتجاهان حول الصحبة والصحابة
لقد احتدم النزاع منذ عصر مبكّر حول الصحبة والصحابة ، أعني : الذين التفّوا حول النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وخاضوا معه المعارك والمغازي ، ورفعوا رايةَ الإسلام خفّاقة في أحلك الظروف ، وأشد المواقف ، وجاهدوا بين يديه بأنفسهم ونفيسهم حتّى نشروا الإسلام في ربوع الأرض.
ولا شكّ في أنّ هذا يثير مشاعر كلّ مسلم واع يعتزّ بدينه وشريعته ورسوله وقرآنه ، ويشدّه. إلى حبّهم وودّهم حتّى صار حب الصحابة من مظاهر حب النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وقد اشتهر بأنّ من أحب شيئاً أحبّ آثاره ولوازمه ، فمن أحب الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقد أحب المتعلّمين على يديه والمجاهدين دونه.
هذا ممّا لا سترة ولا خلاف فيه ، إنّما الكلام في أنّ مجرّد صحبة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ سواء أكانت قصيرة الأمد أم طويلته ، هل تجعل الصحابي إنساناً مثالياً بعيداً عن المعاصي ، صغيرها وكبيرها ، جليلها وحقيرها طول عمره؟!
أو انّ صحبة الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ تؤثر في سلوك الصحابي وأخلاقياته ، وأنّ كلّ من صحبه يستضيء بنوره وبيانه حسب قابلياته واستعداداته؟!
ولأجل ذلك ظهر هنا اتجاهان :