٧
مظاهر الغلو في الصحابة
الغلو هو تجاوز الحدّ ، ومنه غلا السعر : إذا تجاوز حدّه ، قال سبحانه : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ). (١)
فالغلو في الدين في الآية ، كناية عن الغلو في رسوله ، أعني : المسيح عيسى بن مريم.
فذكر سبحانه أوّلاً واقعَ المسيح وانّه كان بشراً رسولاً ، لا يختلف عمّن تقدّم من الرسل ، وهو كلمة الله التي حملتها مريم وولدتها.
ثمّ أشار ثانياً إلى أنواع غلوهم فحلّت الآلهة الثلاثة مكان الإله الواحد ، وُعّد المسيح أحد الآلهة تارة ، وابن الإله أُخرى ، فهذا كلّه غلو وإفراط ، قال : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً). (٢)
فكما أنّ الإفراط غلو وتجاوز للحد فهكذا التفريط والتقصير ، والداعي إلى
__________________
(١) النساء : ١٧١.
(٢) النساء : ١٧١.