٢. العزوف عن نقد الصحابة
من مظاهر الغلو في الصحابة هو العزوف عن نقد الصحابة ، والمنع عن التكلم حول ما دار بينهم من النزاع والنقاش ، يقول إمام الحنابلة :
وخير هذه الأُمّة بعد نبيّها ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أبو بكر ، وخيرهم بعد أبي بكر عمر ، وخيرهم بعد عمر ، عثمان ، وخيرهم بعد عثمان علي ـ رضوان الله عليهم ـ خلفاء راشدون مهديّون ، ثمّ أصحاب محمّد بعد هؤلاء الأربعة لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم ، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ، ليس له أن يعفو عنه ، بل يعاقبه ثمّ يستتيبه ، فإن تاب قبل منه ، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة ، وجلده في المجلس حتّى يتوب ويراجع. (١)
وقال الإمام الأشعري : ونشهد بالجنة للعشرة الذين شهد لهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بها ونتولّى بها ونتولّى سائر أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ونكفّ عمّا شجر بينهم ... (٢)
وقال أبو الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي (المتوفّى ٣٧٧ ه) عند ما ذكر عقائد أهل السنّة ومنها : الكفّ عن أصحاب محمد. (٣)
وعند ما يقف الباحث على مصادر جمة وتظهر أمامه أفانين من اقتراف المعاصي وسفك الدماء الطاهرة ، وهتك الحرمات ، ويجابههم بهذه الحقائق ، فإنّهم يلتجئون إلى ما يُروى عن عمر بن عبد العزيز وأحياناً عن الإمام أحمد بن حنبل من لزوم الإمساك عمّا شجر بين الصحابة من الاختلاف ، وكثيراً ما يقولون حول الدماء التي أُريقت بيد الصحابة ـ حيث قتل بعضهم بعضاً ـ تلك دماء طهّر الله
__________________
(١) كتاب السنة لأحمد بن حنبل : ٥٠.
(٢) الإبانة : ٤٠ ، ط دار النفائس ، ومقالات الإسلاميين : ٢٩٤.
(٣) التنبيه والردّ : ١٥.