عرفتهُم خرج رجل بيني وبينهم فقال : هلم! فقلت : أين؟ فقال : إلى النار والله ، فقلت : ما شأنهم؟ قال : إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى ، ثمّ إذا زمرة أُخرى ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال لهم : هلم ، فقلت : إلى أين؟ قال : إلى النار والله ، قلت : ما شأنهم؟ قال : إنّهم ارتدوا على أدبارهم ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل هِمْل النعم». (١)
وظاهر الحديث : «حتّى إذا عرفتهم» وقوله : «ارتدوا على أدبارهم القهقرى» أنّ الذين أدركوا عصره وكانوا معه ، هم الذين يرتدون بعده.
إذا راجعنا الصحاح والمسانيد نجد أنّ أصحابهم أفردوا باباً بشأن فضائل الصحابة إلاّ أنّهم لم يفردوا باباً في مثالبهم ، بل أقحموا ما يرجع إلى هذه الناحية في أبواب أُخر ، ستراً لمثالبهم وقد ذكرها البخاري في الجزء التاسع من صحاحه في باب الفتن ، وأدرجها ابن الأثير في جامعه في أبواب القيامة عند البحث عن الحوض ، والوضع الطبيعي لجمع الأحاديث وترتيبها ، كان يقتضي عقد باب مستقل للمثالب في جنب الفضائل حتّى يطلع القارئ على قضاء السنة حول صحابة النبي الأكرم.
٣. السنّة قاضية على القرآن
القرآن الكريم هو المرجع الأوّل للمسلمين في الشريعة والعقيدة ، وقد وصفه سبحانه بأنّ فيه تبياناً لكلّ شيء ، قال : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ). (٢)
__________________
(١) جامع الأُصول لابن الأثير : ١١ / ١٢٠ ، كتاب الحوض في ورود الناس عليه ، رقم الحديث ٧٩٧٢. و «الفرط» : المتقدم قومه إلى الماء ، ويستوي فيه الواحد والجمع ، يقال : رجل فرط وقوم فرط.
(٢) النحل : ٨٩.