وهذا يكشف عن وجود أرضية سيّئة بين نقلة الحديث في عصر الرسول ، أفيمكن بعد هذه الروايات أن نكيل عامة الصحابة بكيل واحد ونصفهم بالعدل والزهد والتقى؟! مع أنّ منهم ـ بعد ما ظهر كذبه في الحديث ـ من يعتذر بأنّه من كيسه.
أخرج البخاري عن أبي صالح ، قال : حدّثني أبو هريرة ، قال : قال النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : أفضل الصدقة ما ترك غنىً ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول ، تقول المرأة : إمّا أن تطعمني وإمّا أن تطلقني.
ويقول العبد : اطعمني واستعملني.
ويقول الابن : أطعمني إلى من تدعني؟
فقالوا : يا أبا هريرة ، سمعت هذا من رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ؟!
قال : لا ، من كيس أبي هريرة.
ورواه الإمام أحمد في مسنده باختلاف طفيف في اللفظ.
انظر إلى الرجل ينسب في صدر الحديث الرواية إلى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بضرس قاطع ، ولكنّه عند ما سُئل عن سماع الحديث من رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عدل عمّا ذكره أوّلاً ، وصرح بأنّه من كيسه الخاص أي من موضوعاته. (١)
٥. القول بعدالتهم جميعاً
إنّ من مظاهر الغلو في الصحابة ، القول بعدالتهم جميعاً ، كأنّ الرؤية أو الصحبة جعلتهم ملائكة يسيرون في الأرض بصورة الإنس ، لا يعصون الله ما
__________________
(١) البخاري ، كتاب النفقات ، رقم الحديث ٥٣٥٥ ؛ مسند أحمد : ٢ / ٢٥٢.