سبحانه قوله : (وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ). (١)
قال ابن قيّم الجوزية : كانت وقعة أُحد مقدّمة وإرهاصاً بين يدي محمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ونبّأهم ووبّخهم على انقلابهم على أعقابهم إن مات رسول الله أو قتل. (٢)
والظاهر من الارتداد هو الأعمّ من الارتداد عن الدين الذي جاهر به بعض المنافقين والارتداد عن العمل كالجهاد ومكافحة الأعداء وتأييد الحقّ إنساء ما أوصى به رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
وهذه الآية تخبر عن إمكانية الانقلاب على الأعقاب بعد رحيل الرسول ، فهل يمكن أن يوصف بالعدالة التامّة الّتي هي أُخت العصمة من كان يُحتمل فيه تلك الإمكانية؟ ولذلك ترى أنّهم لا يرضون بنقد آراء الصحابة وأقوالهم.
٢. ترك الرسول قائماً وهو يخطب
بينا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يخطب الجمعة قدمت عير المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حتّى لم يبق معه إلاّ اثنا عشر رجلاً. فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : والذي نفسي بيده ، لو تتابعتم حتّى لا يبقى منكم أحد سال لكم الوادي ناراً ، فنزلت هذه الآية : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
قال ابن كثير : يعاتب تبارك وتعالى على ما كان وقع ، من الانصراف عن
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ١ / ٤٠٩ والآية ١٤٤ من سورة آل عمران.
(٢) زاد المعاد : ٢٥٣.