الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذ ، فقال تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً) أي على المنبر تخطب ، هكذا ذكره غير واحد من التابعين منهم أبو العالية والحسن وزيد بن أسلم وقتادة وزعم بن حبّان أنّ التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم وكان معها طبل ، فانصرفوا إليها وتركوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قائماً على المنبر إلاّ القليل منهم ، وقد صحّ بذلك الخبر ، فقال الإمام أحمد : حدّثنا ابن إدريس ، عن حصين بن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر ، قال : قدمت غير مرّة المدينة ورسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يخطب فخرج الناس وبقي اثنا عشر رجلاً فنزلت (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) أخرجاه في الصحيحين. (١)
أفمن يقدّم اللهو والتجارة على ذكر الله ويستخف بالنبيّ ، يكون ذا ملكة نفسانية تحجزه عن اقتراف المعاصي واجتراح الكبائر ، ما لكم كيف تحكمون؟
٣. الخيانة بالنكاح سرّاً
شرّع الله سبحانه صوم شهر رمضان وحرّم على الصائم إذا نام ليلاً مجامعة النساء ، فكان جماعة من المسلمين ينكحون سرّاً وهو محرّم عليهم.
قال ابن كثير : كان الأمر في ابتداء الإسلام ، هو إذا أفطر أحدهم إنّما يحلّ له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء أو نام قبل ذلك فمتى نام أو صلّى العشاء حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القادمة ، ثمّ إنّ أُناساً من المسلمين أصابوا من النساء والطعام في شهر رمضان بعد العشاء ، منهم عمر بن الخطاب ، فشكوا ذلك إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فأنزل الله قوله : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٣٧٨ ؛ صحيح البخاري : ١ / ٣١٦ ، كتاب الجمعة ، باب الساعة التي في يوم الجمعة ؛ صحيح مسلم : ٢ / ٥٩٠ كتاب الجمعة ، باب في قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً ...).