الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ ...). (١)
فهل يصحّ لنا أن نصف من خانوا أنفسهم بارتكاب الحرام بأنّهم عدول ذوي ملكة رادعة عن اقتراف الكبائر والإصرار على الصغائر؟! أو أنّ أكثرهم لم يكونوا حائزين تلك الملكة ، وإنّما كانوا على درجة متوسطة من الإيمان والتقوى وقد يغلب عليهم حبّ الدنيا ولذّاتها.
٤. خيانة بعض البدريّين
يقول سبحانه : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). (٢)
قال ابن كثير : نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر ، فقال بعض الناس : لعلّ رسول الله أخذها فأكثروا في ذلك ، فأنزل الله : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وهذا تنزيه له ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ من جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة وقسم الغنيمة ، ثمّ تبيّن أنّه قد غلّ بعض أصحابه. (٣)
والآية تعرب عن مدى حسن ظنّهم واعتقادهم برسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حتّى اتّهموه بالخيانة في الأمانة وتقسيم الأموال ، ثمّ تبين أنّه قد غلّه بعض أصحابه ، فهؤلاء الجاهلون بمكانة النبي ، أو من مارس الخيانة في أموال المسلمين لا يوصفون بالعدالة.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ١ / ٢١٩ ؛ صحيح البخاري : ٤ / ١٦٣٩ ، كتاب التفسير ، وغيرهما ، والآية ١٨٧ من سورة البقرة.
(٢) آل عمران : ١٦١.
(٣) تفسير ابن كثير : ١ / ٤٢١ ؛ تفسير الطبري : ٤ / ١٥٥ في تفسير الآية ، إلى غير ذلك من المصادر.