يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار.
قال الحميدي في هذا الحديث زيادة مشهورة لم يذكرها البخاري أصلاً من طريق هذا الحديث ، ولعلّها لم تقع إليه فيها ، أو وقعت فحذفها لغرض قصده في ذلك ، وأخرجها أبو بكر البرقاني ، وأبو بكر الإسماعيلي قبله ، وفي هذا الحديث عندهما انّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : ويح عمّار ، تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ، ويدعونه إلى النار. (١)
وقد كشف الحميدي عن نوايا البخاري انّه ربما يتلاعب بالحديث فيحذف بعض أجزائه لغرض معيّن ، وهو إنّما حذف هذه الجملة المشهورة ، أعني : «تقتله الفئة الباغية» بقصد تبرئة معاوية ، وتبرير أعماله.
ونحن نسأل القائلين بعدالة الصحابة من هي الفئة الباغية التي قتلت عماراً؟! وهل كان فيها من صحابة النبي من يؤيّد موقف الفئة الباغية؟! لا شكّ انّ معاوية كان يترأس الفئة الباغية وكان عمرو بن العاص وزيره في الحرب ، وكان انتصار معاوية في حرب صفين رهن مكيدة عمرو بن العاص ، وكان بين الفئة الباغية من الصحابة النعمان بن بشير الأنصاري ، وعُقْبة بن عامر الجهني ، وأبو الغادية يسار بن سبع الجهني وغيرهم.
٢. عصيان أمر النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بإحضار القلم والدواة
قد روى أصحاب الصحاح انّ النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أمر بإحضار القلم والدواة ليكتب كتاباً لا يضلّوا بعده أبداً ، وقد حال بعض الحاضرين بينه وبين ما يروم إليه ، وقد أخرجه البخاري في غير مورد من صحيحه.
__________________
(١) جامع الأُصول : ٩ / ٤٤ برقم ٦٥٨٣.