الإمام ـ عليهالسلام ـ أنشدت قائلة :
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى |
|
كما قرّ عيناً بالإياب المسافر(١) |
فهذه الصحابية مع ما لها من منزلة رفيعة بين المسلمين قادت جيشاً كبيراً لمحاربة الإمام ـ عليهالسلام ـ ، ودارت بينهما معركة شرسة ، قُتل فيها من المسلمين ما يربو على عشرة آلاف حسب ما ذكره الطبري. (٢)
وربما يقال : انّ القتلى يفوق هذا العدد.
هذه نماذج ممّا يطالعه القارئ في مرآة التاريخ ، ولو حاولنا الاستقصاء لفاق هذا العدد بكثير.
ومن سبر التاريخ بروح موضوعية وتجرد ، يجد انّ فئة من الصحابة سوّدت وجه التاريخ بنحو يثير أسف الخلف على هذا السلف.
ادّعاء العدالة لعامة الصحابة تنكّر للطبيعة البشرية
إنّ الصحابة الكرام لهم غرائز جامحة كسائر الناس ، فمن الغريب استثناء هذا الجيل عن سائر الأجيال ، وإضفاء هالة من القداسة عليهم بلا استثناء. ولم يكن للصحبة ، البعد الإعجازي حتّى يقلب فطرتهم رأساً على عقب ، ويحوّلهم إلى أشخاص مثاليّين ، بل هم بشر ـ كسائر البشر ـ لهم ميول وغرائز ، قد ينفلت زمامها ، فتُلقي بهم في وديان الهوى والظلم والعصيان.
وما ذكرناه هو الذي يدعمه الذكر الحكيم والسنّة النبوية وتاريخ
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٤ / ١١٥.
(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٥٤٠.