صنف من الصحابة دون صنف ، لأنّ سبق الأوّل في الهجرة والنصرة على سائر الصحابة إنّما كان بملاك الاختيار.
وثالثاً : إذا كان المراد من الآية عامّة الصحابة الذين أدركوا النبي وأسلموا ، يكون المراد من الطائفة الثالثة في (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) سائر المسلمين في الأجيال المتلاحقة.
فكان اللازم عندئذ أن يقول : «والذين يتّبعونهم بإحسان ، بصيغة المضارع لا الماضي ، كما أتى به سبحانه في سورة الجمعة وقال : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). (١)
فأراد من الآية الأُولى عامة الصحابة ، ومن الآية الثانية (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) كلّ من يأتي بعد الصحابة إلى يوم القيامة ، قال الله سبحانه بعث النبي إليهم فإنّ شريعته خاتمة الشرائع.
إلى هنا تمّ تفسير الطائفتين ، وإليك بيان الطائفة الثالثة الواردة في الآية.
٣. والذين اتّبعُوهم بإحسان
ما هو المراد من الموصول؟! وما هو المراد من القيد بإحسان؟
أمّا الأوّل فالمراد هم الذين تحقق اتباعهم في عصر نزول الآية ، لا من يتحقّق في الأجيال الآتية ، وبما انّ مبدأ ظهور السابقين ، هو ظهور الإسلام في الفترة المكية ومنتهاهم هو انتصار الإسلام على مظاهر الشرك في المنطقة ، أعني :
__________________
(١) الجمعة : ٣٢.