إنّما الأعمال بالخواتيم
هذا العنوان كلمة قدسية قالها النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فيما رواه البخاري عنه ، وذكر في الباب روايتين تدلاّن على أنّ الملاك للنجاة هو خواتيم الأعمال نذكر واحدة منها.
أخرج البخاري عن سهل : أنّ رجلاً من أعظم المسلمين غناءً عن المسلمين ، في غزوة غزاها مع النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، فنظر النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقال : «من أحبّ أن ينظر إلى الرّجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ، فاتبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشدّ الناس على المشركين حتّى جرح ، فاستعجل الموت ، فجعل ذبابة سيفه بين ثَدييه حتّى خرج من بين كتفيه ، فأقبل الرّجل إلى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مسرعاً ، فقال : أشهد أنّك رسول الله ، فقال : «وما ذاك؟». قال : قلت لفلان : «من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه». وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين ، فعرفتُ أنّه لا يموت على ذلك ، فلمّا جرح استعجل الموت فقتل نفسه ، فقال النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عند ذلك : «إنّ العبد لَيعملُ عَمَل أهل النّار وانّه من أهل الجنّة ، ويعمل عمل أهل الجنّة وإنّه من أهل النار ، وإنّما الأعمال بالخواتيم». (١)
وكم من إنسان حسنتْ حياته في أوائل عمره ، ثمّ تبدلت وساءت سيرته وسلوكه ، وحبطت أعماله الصالحة أتى بها في أوائل عمره أو أواسطه يقول سبحانه :
__________________
(١) صحيح البخاري : ٤ / ٢٣٣ ، كتاب القدر ، الباب ٥ ، الحديث ٦٦٠٧ ؛ سنن الترمذي : ٤ ، كتاب القدر ، الباب ٥ ، الحديث ٢١٣٧. والحديث الوارد في السنن غيره في صحيح البخاري.