وأثره وأجله ورزقه ، ثمّ تُطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص». (١)
فعلى هذا فالصحف الأُولى التي قُدِّر فيها مصير الإنسان مطوية لا تفتح فلا يزيد فيها شيء ولا ينقص ، وهذا لا يختلف عن الجبر قيد شعرة.
إنّ تفسير القضاء والقدر ـ اللّذين هما من المعارف العليا في الإسلام ـ بالمعنى الوارد في الرواية يجعل الإنسان مكتوف اليدين في خضمِّ الحياة فيسلب عنه كلّ سعي في طريق السعادة إذا كتب من أهل الشقاء أو في طريق الشقاء إذا كتب من أهل السعادة.
٣. روى عبد الله بن عمر ، عن أبيه قال : يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أمر مبتدع أو فيما قد فرغ منه؟ فقال : بل فيما قد فرغ منه ، يا ابن الخطاب وكلّ ميسر ، أمّا من كان من أهل السعادة فإنّه يعمل للسعادة ، وأمّا من كان من أهل الشقاء فإنّه يعمل للشقاء.
وفي رواية قال : لمّا نزلت (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) سألت رسول الله ، فقلت : يا نبي الله فعلامَ نعمل ، على شيء قد فرغ منه ، أو على شيء لم يفرغ منه؟ قال : بل على شيء قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر ، ولكن كلّ ميسّر لما خلق له. (٢)
وهذا الحديث يعرب عن أنّه قد تمّ القضاء على الناس في الأزل وجعلهم صنفين وكلّ ميسر لما خلق له في الأزل لا لما لم يخلق له ، فأهل السعادة ميسّرون للاعمال الصالحة فقط وأهل الشقاء ميسّرون للأعمال الطالحة فقط ، وأي جبر أوضح وأبين ممّا جاء في هذا الحديث.
__________________
(١) صحيح مسلم : ٨ / ٤٥ ، كتاب القدر.
(٢) صحيح مسلم : ٨ / ٤٥ ، كتاب القدر.