ولو بلغ بالصلاح أن يقطع له بالجنة ، لا يعصم من الوقوع في الذنب. (١)
٤. انّ الاعتقاد المُسْبق بعدالة الصحابة آل ـ في كثير من الأحيان ـ بمحقّقي أهل السنّة إلى عدم التدبّر العميق في التاريخ ونقده ، ممّا أدّى إلى وقوعهم في مأزق كبير حفاظاً على ذلك المعتقد ، وهو إسدال الستار على كثير من حقائق التاريخ التي حدثت بعد رحيل الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ودامت حوالي قرن واحد ، فتراهم يؤولون ما صدر عن الصحابة من التكفير والتفسيق والنهب والقتل بالاتّكاء على النظرية القائلة : بأنّهم كانوا مجتهدين مخطئين ، ومثابين في الوقت نفسه!! حتّى أنّ من كثر خطأه زاد ثوابه وأجره ، وهذا من غرائب الأُمور.
أوَما آن للمحقّقين من أهل السنّة أن يخوضوا عباب التاريخ نقداً وتمحيصاً ، ويرفعوا ربقة التقليد للسلف والجري وراءهم ، لكي يفهموا التاريخ على ما هو عليه ويرفعوا اليد عن الاعتقاد بعدالة كلّ صحابي بلا استثناء.
إنّ الدعاية الأموية لغاية ترسيخ ملكهم وإبعاد الناس عن أئمة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ حاكت حول الصحابة حالة قدسية وهمية على نحو لم ترخص فيه لأحد الخروج عن هذا الإطار والتدبّر فيما شجر بين الصحابة من مشاجرات.
إنّ الدعاية الأموية نشرت بين الناس أكاذيب وتهماً حول الشيعة للمساس بهم ، من سبّ الصحابة وبغضهم وتفسيقهم وكفرهم ، وهذا ـ شهيدي الله ـ كذب بلا مرية ، وفرية يتحمل أوزارها آل أُمية وآل مروان.
فكيف يمكن للشيعة أن تبغض الصحابة مع أنّ رواد التشيع كانوا منهم وقد حفل التاريخ بأسمائهم وتشيعهم؟!
__________________
(١) فتح الباري : ١٢ / ٣١٠.