عليها ، يقول الشاعر :
ينشأ الصغير على ما كان والده |
|
انّ الأُصول عليها ينبت الشجر |
فاللبنة الأُولى في بناء الشخصية الصالحة أم الطالحة هي ما يرث الولد من الوالدين من الفضائل والرذائل ، وقد كشف العلم أنّ الجينات الموجودة في النطفة الإنسانية سبب طبيعي وعامل لانتقال هذه الصفات من الوالدين إلى الطفل.
وأمّا الثاني فيأتي دوره بعد دور الوراثة حيث إنّ المعلّم يمثِّل المدرسة التربوية الثانية بعد مدرسة الأبوين ، ولهذا يكون دور التعليم في مصير الطفل دوراً حسّاساً في قلبه.
وأمّا الثالث فيأتي دوره إذا أتمّ دراسته وبدأ ممارسة العمل ، فعندئذ يتأثر في سلوكه وخُلقه بالبيئة التي يعيش فيها ، فإذا كانت العوامل الثلاثة متجانسة في الغاية والأثر ، يقع الكلّ في طريق تكوين الشخصية الواحدة بلا صراع بينها ولا نزاع ، وأمّا إذا كان بينها نزاع وصراع في الغاية والدعوة ، فتكون النتيجة من حيث السلوك ، تابعة لأقوى العوامل وأرسخها في الروح وهو يختلف حسب اختلاف تأثير الأوفر سهماً من هذه ، ولأجل ذلك يوجد من يختار سلوك الآباء كما يوجد من يتركه ويقتفي أثر الثقافة أو البيئة.
وعلى كلّ تقدير فالإنسان مختار صورة ، لكنّه مسيّر سيرة يخط مصيره هذه العوامل أو أقواها تأثيراً.
يلاحظ عليه : أوّلاً : بأنّ ما ذكر من تأثير العوامل الثلاثة في بناء الشخصية أمر لا غبار عليه ، إنّما الكلام في كونها علّة تامّة أو معدّات تُوجِد أرضية لنمو مقتضاها ، ولا تُوجِدُ حتمية ، غير قابلة للتغيير :