١. الهداية التكوينية العامّة
والمراد منها خلق كلّ شيء وتجهيزه بما يهديه إلى الغاية التي خلق لها : قال سبحانه حاكياً كلام النبي موسى ـ عليهالسلام ـ : (قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (١) ، وجهز كلّ موجود بجهاز يوصله إلى الكمال ، فالنبات مجهّز بأدقّ الأجهزة التي توصله في ظروف خاصة إلى تفتح طاقاته ، فالحبة المستورة تحت الأرض ترعاها أجهزة داخلية وعوامل خارجية كالماء والنور إلى أن تصير شجرة مثمرة ، ومثله الحيوان والإنسان فهذه الهداية عامة لجميع الأشياء ليس فيها تبعيض وتمييز.
قال سبحانه : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى). (٢)
وقال سبحانه : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ). (٣)
وقال سبحانه : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها * فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها). (٤)
إلى غير ذلك من الآيات الواردة حول الهداية التكوينية التي تنبع من ذات الشيء بما أودع الله فيها من الأجهزة والالهامات التي توصله إلى الغاية المنشودة من غير فرق بين المؤمن والكافر ، فقوله سبحانه عام يعمّ مجموع البشر مؤمنه وكافره (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ). (٥)
__________________
(١) طه : ٥٠.
(٢) الأعلى : ٣١.
(٣) البلد : ١٠٨.
(٤) الشمس : ٨٧.
(٥) الروم : ٣٠.