٧
الأمر بين الأمرين
كان الرأي السائد في المسألة أحد الرأيين ، إمّا الجبر ، وإمّا التفويض ؛ وبذلك ضلّ القائلون إمّا في متاهات الجبر أو بوقوعهم في حبال الشرك.
ثمّ إنّ الداعي لاختيار أحد المذهبين هو انّ القائلين بالجبر زعموا أنّ صيانة التوحيد في الخالقية (لا خالق ولا مؤثر إلاّ الله سبحانه) رهن القول بالجبر ، فلو قلنا بالاختيار يلزم أن يكون الإنسان خالقاً لفعله ، جاعلاً لعمله وهو ينافي التوحيد الأفعالي الذي يعبّر عنه بالتوحيد في الخالقية.
كما أنّ القائلين بالتفويض زعموا أنّ صيانة عدله سبحانه وتنزيهه عن الظلم والتعدّي ، رهن القول بالتفويض وتصوير انّ الإنسان فاعل مختار مستغن في فعله عن الواجب سبحانه بل محتاج في حدوثه إلى الله لا في بقائه فكيف في فعله؟
وعلى كلّ تقدير فالجبري يعتقد بانقطاع فعل الإنسان عنه ، وانّه فعل الله تماماً من دون أن يكون له صلة بالفاعل إلاّ كونه ظرفاً لفعل الخالق.
والقائل بالتفويض يعكس الأمر ويعتقد بانقطاع نسبة الفعل إلى الخالق ، وكونه مخلوقاً للإنسان تماماً من دون أن يكون هناك صلة بين فعله وخالق الكون. فالطائفة الأُولى يحسبون أنّهم بالقول بالجبر يرفعون راية التوحيد في الخالقية ، كما أنّ