شرح التعجب
فعل التعجب (١) على ضربين وهو منقول من بنات الثلاثة إما إلى أفعل ويبنى على الفتح ؛ لأنه ماض وإما إلى أفعل به ويبنى على الوقف ؛ لأنه على لفظ الأمر.
فأما الضرب الأول : وهو أفعل يا هذا فلا بد من أن تلزمه (ما) تقول : ما أحسن زيدا وما أجمل خالدا وإنما لزم فعل التعجب لفظا واحدا.
ولم يصرف ليدل على التعجب ولو لا ذلك لكان كسائر الأخبار ؛ لأنه خبر ويدل على أنه خبر أنه يجوز لك أن تقول فيه صدق أو كذب فإذا قلت : ما أحسن زيدا فـ (ما) اسم مبتدأ وأحسن خبره وفيه ضمير الفاعل وزيد مفعول به و (ما) هنا اسم تام غير موصول فكأنك قلت : شيء حسن زيدا ولم تصف أن الذي حسنه شيء بعينه فلذلك لزمها أن تكون مبهمة غير مخصوصة كما قالوا : شيء جاءك أي : ما جاءك إلا شيء وكذلك : شر أهر ذا ناب أي : ما أهره إلا شر ونظير ذلك إني مما أن أفعل يريد : أني من الأمر أن أفعل فلما كان الأمر مجهولا جعلت (ما) بغير صلة ولو وصلت لصار الاسم معلوما وإنما لزمه الفعل الماضي وحده ؛ لأن التعجب إنما يكون مما وقع وثبت ليس مما يمكن أن يكون ويمكن أن لا يكون وإنما جاء هذا الفعل على (أفعل) نحو : أحسن وأجمل ؛ لأن فعل التعجب إنما يكون مفعولا من بنات الثلاثة فقط نحو : ضرب وعلم ومكث : لا يجوز غير ذلك نحو : ضرب زيد ثم تقول : ما أضربه وعلم ثم تقول :
__________________
(١)
١ ـ تعريفه : هو انفعال في النّفس عند شعورها بما يخفى سبيه فإذا ظهر السّبب بطل العجب.
٢ ـ صيغ التّعجب : للتّعجب صيغ كثيرة ، منها قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) (الآية : ٢٨ سورة البقرة) وفي الحديث : (سبحان الله إنّ المؤمن لا ينجس).
ومن كلام العرب" لله درّه فارسا" والمبوّب له في كتب العربيّة صيغتان لا غير ولا تتصرّفان : " ما أفعله ، وأفعل به".
لاطّرادهما فيه نحو" ما أجمل الصّدق" و" أكرم بصاحبه".
وبناؤه أبدا ـ كما يقول سيبويه ـ من" فعل" و" فعل" و" فعل" و" أفعل". انظر معجم القواعد العربية ٤ / ٣٤.