مسائل من هذا الباب
اعلم أنه لا يجوز أن تقول : قومك نعموا أصحابا ولا قومك بئسوا أصحابا ولا أخواك نعما رجلين ولا بئسا رجلين.
وإذا قلت : نعم الرجل رجلا (١) زيد فقولك : (رجلا) توكيد ؛ لأنه مستغنى عنه بذكر الرجل أولا وهو بمنزلة قولك : عندي من الدراهم عشرون درهما وتقول : نعم الرجلان أخواك ونعم رجلين أخواك وبئس الرجلان أخواك وبئس رجلين أخواك وتقول : ما عبد الله نعم الرجل ولا قريبا من ذلك عطفت (قريبا) على (نعم) ؛ لأن موضعها نصب لأنها خبر (ما).
وتقول : ما نعم الرجل عبد الله ولا قريب من ذلك فترفع بالرجل ب (نعم) وعبد الله بالابتداء ونعم الرجل : خبر الابتداء وهو خبر مقدم فلم تعمل (ما) لأنك إذا فرقت بين (ما) وبين الاسم لم تعمل في شيء ورفعت (قريبا) لأنك عطفته على (نعم) ونعم في موضع رفع ؛ لأنه خبر مقدم ولا يجيز أحد من النحويين : نعم زيد الرجل وقوم يجيزون : نعم زيد رجلا ويحتجون بقوله : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩] وحسن ليس كنعم.
وللمتأول أن يتأول غير ما قالوا : لأنه فعل يتصرف.
وتقول : نعم القوم الزيدون ونعم رجالا الزيدون والزيدون نعم القوم والزيدون نعم قوما وقوم يجيزون : الزيدون نعموا قوما.
وهو غير جائز عندنا لما أخبرتك به من حكم نعم وصفة ما تعمل فيه.
__________________
(١) اختلف النحويون في جواز الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر في نعم وأخواتها فقال قوم لا يجوز ذلك وهو المنقول عن سيبويه فلا تقول نعم الرجل رجلا زيد وذهب قوم إلى الجواز واستدلوا بقوله :
والتغلبيون بئس الفحل فحلهم |
|
فحلا وأمهم زلاء منطيق |
وقوله
تزود مثل زاد أبيك فينا |
|
فنعم الزاد زاد أبيك زادا |
وفصل بعضهم فقال إن أفاد التمييز فائدة زائدة على الفاعل جاز الجمع بينهما نحو نعم الرجل فارسا زيد وإلا فلا نحو نعم الرجل رجلا زيد ، فإن كان الفاعل مضمرا جاز الجمع بينه وبين التمييز اتفاقا نحو نعم رجلا زيد. انظر شرح ابن عقيل ٣ / ١٦٣.