مسائل من هذا الباب
اعلم أن الأفعال لا تثنى ولا تجمع ، وذلك لأنها أجناس كمصادرها ألا ترى أنك تقول :بلغني ضربكم زيدا كثيرا وجلوسكم إلى زيد قليلا كان الضرب والجلوس قليلا أو كثيرا وإنما يثنى الفاعل في الفعل ، فإن قلت فإنك تقول : ضربتك ضربتين وعلمت علمتين فإنما ذلك لإختلاف النوعين من ضرب يخالف ضربا في شدته وقلته أو علم يخالف علما كعلم الفقه وعلم النحو كما تقول : عندي تمور إذا اختلفت الأجناس ومع ذلك ، فإن الفعل يدل على زمان فلا يجوز أن تثنيه كما ثنيت المصدر ، وإن اختلفت أنواعه فالفعل لا بد له من الفاعل يليه بعده إما ظاهرا وإما مضمرا ولا يجوز أن يثنى ولا يجمع لما بينت لك فإذا قلت : الزيدان يقومان فهذه الألف ضمير الفاعلين والنون علامة الرفع ، وإذا قلت : الزيدون يقومون فهذه الواو ضمير الجمع والنون علامة الرفع ويجوز : قاموا الزيدون ويقومون الزيدون على لغة من قال : أكلوني البراغيث فهؤلاء إنما يجيئون بالألف والنون وبالواو والنون في : يضربان ويضربون وبالألف والواو في : ضربا وضربوا فيقولون : ضربا الزيدان وضربوا الزيدون ليعلموا أن هذا الفعل لإثنين لا لواحد ولا لجميع ولا لإثنين ولا لواحد كما أدخلت التاء في فعل المؤنث لتفصل بين فعل المذكر والمؤنث فكذلك هؤلاء زادوا بيانا ليفرقوا بين فعل الإثنين وبين الواحد والجميع وهذا لعمري هو القياس على ما أجمعوا عليه في التاء من قولهم : قامت هند وقعدت سلمى ولكن هذا أدى إلى إلباس إذ كان من كلامهم التقديم والتأخير فكأن السامع إذا سمع قاموا الزيدون لا يدري هل هو خبر مقدم والواو فيه ضمير أم الواو عمل الجمع فقط غير ضمير وكذلك الألف في (قاما الزيدان) فلهذا وغيره من العلل ما جمع على التاء ولم يجمع على الألف والواو فجاز في كل فعل لمؤنث تقول : فعلت ولا يحسن سقوطها إلا أن تفرق بين الاسم والفعل فإذا بعد منه حسن نحو قولهم : حضر اليوم القاضي امرأة.