شرح الثالث : وهو المفعول فيه
المفعول فيه (١) ينقسم على قسمين : زمان ومكان أما الزمان ، فإن جميع الأفعال تتعدى إلى كل ضرب منه معرفة كان أو نكرة ، وذلك أن الأفعال صيغت من المصادر بأقسام الأزمنة كما بينا فيما تقدم فما نصب من أسماء الزمان فانتصابه على أنه ظرف وتعتبره بحرف الظرف أعني (في) فيحسن معه فتقول : قمت اليوم وقمت في اليوم فأنت تريد معنى (في) ، وإن لم تذكرها ولذلك سميت إذا نصبت ظروفا لأنها قامت مقام (في) ألا ترى أنك إذا قلت : قمت اليوم ثم قيل لك : أكن عن اليوم قلت : قمت فيه وكذلك : يوم الجمعة ويوم الأحد والليلة وليلة السبت وما أشبه ذلك وكذلك : نكراتها نحو قولك : قمت يوما وساعة وليلة وعشيا وعشية وصباحا ومساء.
فأما سحر إذا أردت به سحر يومك وغدوة وبكرة هذه الثلاثة الأحرف فإنها لا تتصرف تقول : جئتك اليوم سحر وغدوة وبكرة يا هذا وسنذكرها في موضعها فيما يتصرف وما لا يتصرف إن شاء الله.
__________________
(١) قال ابن هشام : المفعول فيه وهو ما ذكر فضلة لأجل أمر وقع فيه من زمان مطلقا أو مكان مبهم أو مفيد مقدارا أو مادّته مادّة عامله ك صمت يوما أو يوم الخميس وجلست أمامك وسرت فرسخا وجلست مجلسك والمكانيّ غيرهنّ يجرّ بفي ك صلّيت في المسجد ونحو قالا خيمتي أمّ معبد وقولهم دخلت الدّار على التّوسّع
وأقول الرابع من المنصوبات الخمسة عشر المفعول فيه ويسمى الظرف وهو عبارة عما ذكرت
والحاصل أن الاسم قد لا يكون ذكر لأجل أمر وقع فيه ولا هو زمان ولا مكان وذلك كزيدا في ضربت زيدا وقد يكون إنما ذكر لأجل أمر وقع فيه ولكنه ليس بزمان ولا مكان نحو رغب المتقون أن يفعلوا خيرا ، فإن المعنى في أن يفعلوا وعليه في أحد التفسيرين قوله تعالى (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) وقد يكون العكس نحو (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً) ونحو (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) ونحو (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) فهذه الأنواع لا تسمى ظرفا في الاصطلاح بل كلّ منها مفعول به وقع الفعل عليه لا فيه يظهر ذلك بأدنى تأمّل للمعنى وقد يكون مذكورا لأجل أمر وقع فيه وهو زمان أو مكان فهو حينئذ منصوب على معنى في وهذا النوع خاصة هو المسمى في الاصطلاح ظرفا وذلك كقولك صمت يوما أو يوم الخميس وجلست أمامك. انظر شرح شذور الذهب ١ / ٢٩٩.