مسائل من هذا الباب
تقول : وسط رأسه دهن لأنك تخبر عن شيء فيه وليس به هذا إذا أسكنت السين كان ظرفا ، فإن حركت السين فقلت : وسط لم يكن ظرفا تقول : وسط رأسه صلب فترفع لأنك إنما تخبر عن بعض الرأس فوسط إذا أردت به الشيء الذي هو اسمه وجعلته بمنزلة البعض فهو اسم وحركت السين وكان كسائر الأسماء ، وإذا أردت به الظرف وأسكنت السين : تقول :ضربت وسطه ووسط الدار واسع وهذا في وسط الكتاب ؛ لأن ما كان معه حرف الجر فهو اسم بمنزلة زيد وعمرو.
وأما قول الشاعر :
هبّت شمالا فذكرى ما ذكرتكم |
|
عند الصّفاة التي شرقيّ حورانا |
فإنه جعل الصفاة في ذلك الموضع ولو رفع الشرقي لكان جيدا بجعل الصفاة هي الشرق بعينه ونقول : زيد خلفك وهو الأجود.
فإن جعلت زيدا هو الخلف قلت : زيد خلفك فرفعت.
وتقول : سير بزيد فرسخان يومين ، وإن شئت : فرسخين يومان أي : ذلك أقمته مقام الفاعل على سعة الكلام وصلح.
وتقول : ضربت زيدا يوم الجمعة عندك ضربا شديدا فالضرب مصدر ويوم الجمعة ظرف من الزمان وعندك ظرف من المكان وقولك : شديدا نعت للمصدر ليقع فيه فائدة.
فإذا بنيت الفعل لما لم يسم فاعله رفعت زيدا وأقررت الكلام على ما هو عليه ؛ لأنه لا سبيل إلى أن تجعل شيئا من هذه التي ذكرنا من ظرف أو مصدر في مكان الفاعل والاسم الصحيح معها ، فإن أدخلت (شاغلا) من حروف الإضافة كنت مخيرا بين هذه الأشياء وبينه.
فإن شئت نصبت الظرف والمصدر وأقمت الاسم الذي معه حرف الإضافة مقام الفاعل ، وإن شئت أقمت أحدها ذلك المقام إذا كان متصرفا في بابه ، فإن كان بمنزلة عند وذات مرة وما أشبه ذلك لم يقم شيء منها مقام الفاعل ولم يقع له ضمير كضمير المصادر