شرح الخامس وهو المفعول معه
اعلم أن الفعل إنما يعمل في هذا الباب في المفعول (١) بتوسط الواو والواو هي التي دلت على معنى (مع) لأنها لا تكون في العطف بمعنى (مع) وهي هاهنا لا تكون إذا عمل الفعل فيما بعدها إلا بمعنى (مع) ألزمت ذلك ولو كانت عاملة كان حقها أن تخفض.
فلما لم تكن من الحروف التي تعمل في الأسماء ولا في الأفعال وكانت تدخل على الأسماء والأفعال وصل الفعل إلى ما بعدها فعمل فيه.
__________________
(١) قال ابن هشام : المفعول معه وهو الاسم الفضلة التّالي واو المصاحبة مسبوقة بفعل أو ما فيه معناه وحروفه كـ (سرت والنّيل ، وأنا سائر والنّيل).
وأقول الخامس من المنصوبات المفعول معه
وانما جعل آخرها في الذكر لأمرين أحدهما أنهم اختلفوا فيه هل هو قياسي أو سماعي وغيره من المفاعيل لا يختلفون في أنه قياسي والثاني أنّ العامل انما يصل إليه بواسطة حرف ملفوظ به وهو الواو بخلاف سائر المفعولات.
وهو عبارة عما اجتمع فيه ثلاثة أمور أحدها أن يكون اسما والثاني أن يكون واقعا بعد الواو الدالة على المصاحبة والثالث أن تكون تلك الواو مسبوقة بفعل أو ما فيه معنى الفعل وحروفه.
وذلك كقولك سرت والنّيل واستوى الماء والخشبة وجاء البرد والطّيالسة وكقول الله تعالى (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) أي فأجمعوا أمركم مع شركائكم فـ (شركاءكم) مفعول معه لاستيفائه الشروط الثلاثة ولا يجوز على ظاهر اللفظ أن يكون معطوفا على (أمركم) ؛ لأنه حينئذ شريك له في معناه فيكون التقدير أجمعوا أمركم وأجمعوا شركاءكم.
وذلك لا يجوز ؛ لأن أجمع انما يتعلق بالمعاني دون الذوات تقول أجمعت رأيي ولا تقول أجمعت شركائي وانما قلت على ظاهر اللفظ ؛ لأنه يجوز أن يكون معطوفا على حذف مضاف أي وأمر شركائكم ويجوز أن يكون مفعولا لفعل ثلاثي محذوف أي واجمعوا شركاءكم بوصل الألف.
ومن قرأ (فاجمعوا) وصل الألف صحّ العطف على قراءته من غير اضمار ؛ لأنه من جمع وهو مشترك بين المعاني والذوات تقول جمعت أمري وجمعت شركائي قال الله تعالى (فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى) (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) ويجوز هذه القراءة أن يكون مفعولا معه ولكن اذا أمكن العطف فهو أولى ؛ لأنه الأصل وليس من المفعول معه. انظر شرح شذور الذهب ١ / ٣٠٨.