مسائل من هذا الباب
تقول : زيد في الدار قائما فتنصب (قائما) بمعنى الفعل الذي وقع في الدار ؛ لأن المعنى :استقر زيد في الدار ، فإن جعلت في الدار للقيام ولم تجعله لزيد قلت : زيد في الدار قائم لأنك إنما أردت : زيد قائم في الدار فجعلت : (قائما) خبرا عن زيد وجعلت : (في الدار) ظرفا لقائم فمن قال هذا قال : إن زيدا في الدار قائم ، ومن قال الأول قال : إن زيدا في الدار قائما فيكون : (في الدار) الخبر ثم خبّر على أي حال وقع استقراره في الدار ونظير ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ) [الذاريات : ١٥ ـ ١٦] فالخبر قوله : (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ). و (آخِذِينَ :) حال ، وقال عز وجل : (وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) [التوبة : ١٧] ؛ لأن المعنى : وهم خالدون في النار فخالدون : الخبر. و (في النّار) : ظرف للخلود وتقول : جاء راكبا زيد كما تقول : ضرب عمرا زيد وراكبا جاء زيد كما تقول : عمرا ضرب زيد وقائما زيدا رأيت كما تقول : الدرهم زيدا أعطيت وضربت قائما زيدا.
قال أبو العباس : وقول الله تعالى عندنا : على تقدير الحال والله أعلم ، وذلك قوله : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) وكذلك هذا البيت :
مزبدا يخطر ما لم يرني |
|
وإذا يخلو له لحمي رتح |
قال : ومن كلام العرب : رأيت زيدا مصعدا منحدرا ورأيت زيدا ماشيا راكبا إذا كان أحدهما ماشيا والآخر راكبا وأحدكما مصعدا والآخر منحدرا.
تعني : أنك إذا قلت : رأيت زيدا مصعدا منحدرا أن تكون أنت المصعد وزيد المنحدر فيكون (مصعدا) حالا للتاء و (منحدرا) حالا لزيد وكيف قدرت بعد أن يعلم السامع من المصعد ومن المنحدر جاز وتقول : هذا زيد قائما وذاك عبد الله راكبا فالعامل معنى الفعل وهو التنبيه كأنك قلت : أنتبه له راكبا ، وإذا قلت : ذاك زيد قائما فإنما ذاك للإشارة كأنك قلت : أشير لك إليه راكبا ولا يجوز أن يعمل في الحال إلا فعل أو شيء في معنى الفعل لأنها كالمفعول فيها وفي كتاب الله : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) [هود : ٧٢].