والثالث ـ أن يكون النقل عمّن قوله حجة في أصل اللغة كالعرب العاربة مثل قحطان ومعدّ وعدنان فأما إذا نقلوا عمّن بعدهم بعد فساد لسانهم واختلاف المولّدين فلا.
قال الزركشي : ووقع في كلام الزمخشري وغيره الاستشهاد بشعر أبي تمام بل في الإيضاح للفارسي ، ووجّه بأنّ الاستشهاد بتقرير النّقلة كلامهم وأنه لم يخرج عن قوانين العرب.
وقال ابن جنّي : يستشهد بشعر المولّدين في المعاني كما يستشهد بشعر العرب في الألفاظ.
والرابع ـ أن يكون الناقل قد سمع منهم حسّا وأمّا بغيره فلا.
والخامس ـ أن يسمع من الناقل حسّا. انتهى.
وقال ابن جنّي في" الخصائص" : من قال : إن اللغة لا تعرف إلّا نقلا فقد أخطأ ؛ فإنها قد تعلم بالقرائن أيضا فإن الرجل إذا سمع قول الشاعر : [البسيط]
قوم إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم |
|
طاروا إليه زرافات ووحدانا |
يعلم أن الزرافات بمعنى الجماعات.
وقال عبد اللطيف البغدادي في شرح الخطب النباتية : اعلم أن اللّغوي شأنه أن ينقل ما نطقت به العرب ولا يتعدّاه ، وأما النّحوي فشأنه أن يتصرّف فيما ينقله اللّغوي ، ويقيس عليه ومثالهما المحدّث والفقيه ، فشأن المحدّث نقل الحديث برمّته ، ثم إن الفقيه يتلقّاه ويتصرّف فيه ويبسط فيه علله ويقيس عليه الأمثال والأشباه.
قال أبو علي فيما حكاه ابن جنّي : يجوز لنا أن نقيس منثورنا على منثورهم وشعرنا على شعرهم.
المبحث الخامس : في سعة اللغة :
قال ابن فارس في" فقه اللغة" : باب القول على لغة العرب ، وهل يجوز أن يحاط بها؟
قال بعض الفقهاء : كلام العرب لا يحيط به إلّا نبيّ.