مسائل من هذا الباب
تقول : زيد أفضل منك أبا فالفضل في الأصل للأب كأنك قلت : زيد يفضل أبوه أباك ثم نقلت الفضل إلى زيد وجئت بالأب مفسرا ولك أن تؤخر (منك) فتقول : زيد أفضل أبا منك ، وإن حذفت (منك) وجئت بعد أفضل بشيء يصلح أن يكون مفسرا ، فإن كان هو الأول فأضف أفضل إليه واخفضه ، وإن كان غيره فانصبه واضمره نحو قولك : علمك أحسن علم تخفض (علما) لأنك تريد : أحسن العلوم وهو بعضها وتقول : زيد أحسن علما تريد : أحسن منك علما فالعلم غير زيد فلم تجز إضافته ، وإذا قلت : أنت أفره عبد في الناس فإنما معناه : أنت أحد هؤلاء العبيد الذين فضلتهم.
ولا يضاف (أفعل) إلى شيء إلا وهو بعضه كقولك : عمرو أقوى الناس ولو قلت : عمرو أقوى الأسد لم يجز وكان محالا ؛ لأنه ليس منها.
ولذلك لا يجوز أن تقول : زيد أفضل إخوته ؛ لأن هذا كلام محال يلزم منه أن يكون هو أخا نفسه ، فإن أدخلت (من) فيه جاز فقلت : عمرو أقوى من الأسد أفضل من إخوته ولكن يجوز أن تقول : زيد أفضل الإخوة إذا كان واحدا من الإخوة وتقول : هذا الثوب خير ثوب في اللباس إذا كان هذا هو الثوب ، فإن كان هذا رجلا قلت : هذا الرجل خير منك ثوبا ؛ لأن الرجل غير الثوب وتقول : ما أنت بأحسن وجها مني ولا أفره عبدا ، فإن قصدت قصد الوجه بعينه قلت : ما هذا أحسن وجه رأيته إنما تعني الوجوه إذا ميزت وجها.
وقال أبو العباس رحمه الله : فأما قلوهم : حسبك بزيد رجلا وأكرم به فارسا وما أشبه ذلك ثم تقول : حسبك به من رجل وأكرم به من فارس ولله دره من شاعر وأنت لا تقول : عشرون من درهم ولا هو أفره منك من عبد فالفصل بينهما أن الأول كان يلتبس فيه التمييز بالحال فأدخلت (من) لتخلصه للتمييز ألا ترى أنك لو قلت : أكرم به فارسا وحسبك به خطيبا لجاز أن تعني في هذه الحال وكذلك إذا قلت : كم ضربت رجلا وكم ضربت من رجل جاز ذلك ؛ لأن (كم) قد يتراخى عنها مميزها ، فإن قلت : كم ضربت رجلا لم يدر السامع أردت : كم مرة ضربت رجلا واحدا أم : كم ضربت من رجل فدخول (من) قد أزال الشك