ذكر المواضع التي تقع فيها إن وأن المفتوحة والمكسورة والتأويل والمعنى مختلف
تقول : إمّا أنه ذاهب وإمّا أنه منطلق. فتفتح وتكسر.
قال سيبويه : وسألت الخليل عن ذاك فقال : إذا فتحت فإنك تجعله كقولك : حقا أنه منطلق ، وإذا كسرت فكأنه قال : إلا أنه ذاهب.
وتقول : أما والله إنه ذاهب كأنك قلت : قد علمت والله إنه ذاهب.
وأما والله أنه ذاهب كقولك : إلا أنه والله ذاهب.
قال : وسألته عن قوله تعالى : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ)(١) [الأنعام : ١٠٩] ما يمنعه أن يكون كقولك : ما يدريك أنه يفعل فقال : لا يحسن ذا في هذا
__________________
(١) اختلفوا في فتح الألف وكسرها من قوله جل وعز : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها.)
فقرأ ابن كثير : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها) مكسورة الألف.
قرأ أبو عمرو بالكسر أيضا ، غير أن أبا عمرو كان يختلس حركة الراء من : (يُشْعِرُكُمْ.)
وقرأ نافع ، وعاصم في رواية حفص ، وحمزة ، والكسائي ـ وأحسب ابن عامر ـ : (أنها) بالفتح.
وأما أبو بكر بن عياش فقال يحيى عنه : لم نحفظ عن عاصم كيف قرأ أفتحا أم كسرا؟ وقال حسين الجعفي ، عن أبي بكر ، عن عاصم : إنها مكسورة ، أخبرني به موسى بن إسحاق ، عن هارون بن حاتم ، عن حسين الجعفي بذلك ، وحدثني موسى بن إسحاق ، عن أبي هشام محمد بن يزيد ، قال : سمعت أبا يوسف الأعشى قرأها على أبي بكر : إنها كسرا ، (لا يُؤْمِنُونَ) بالياء ، وكذلك روى داود الأودي أنه سمع عاصما يقرؤها : إنها كسرا.
قال سيبويه : سألته ـ يعني : الخليل ـ عن قوله عز وجل : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) ما منعها أن تكون كقولك : ما يدريك أنه لا يفعل؟
فقال : لا يحسن ذلك في هذا الموضع ، إنما قال : (وَما يُشْعِرُكُمْ ،) ثم ابتدأ فأوجب ، فقال : (أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ ،) ولو قال : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها) كان ذلك عنه عذرا لهم ، وأهل المدينة يقولون : (أنها) ، فقال الخليل : هي بمنزلة قول العرب : ائت السوق أنك تشتري لنا شيئا ؛ أي : لعلك ، فكأنه قال :لعلها إذا جاءت لا يؤمنون [الحجة للقراء السبعة : ٣ / ٣٧٧].