باب تمييز المقادير
المقدرات بالمقادير على ثلاثة أضرب : ممسوح ومكيل وموزون.
أما ما كان منها على معنى المساحة فقولهم : ما في السماء قدر راحة سحابا جعل قدر الراحة شيئا معلوما نحو : ما يمسح به ما في الأرض وكل ما كان في هذا المعنى فهذا حكمه.
وأما ما كان على معنى الكيل فقولهم : عندي قفيزان برا وما أشبه ذلك.
وأما ما كان على معنى الوزن فقولهم : عندي منوان سمنا وعندي رطل زيتا.
فالتمييز (١) إنما هو فيما يحتمل أن يكون أنواعا ألا ترى أنك إذا قلت : عندي منا ورطل وأنت تريد : مقدار منا ومقدار رطل لا الرطل والمن اللذين يوزن بهما جاز أن يكون ذلك المقدار من كل شيء يوزن من الذهب والفضة والسمن والزيت وجميع الموزونات وكذلك الذراع يجوز أن يكون مقدار الذراع من الأرضين والثياب ومن كل ما يمسح وكذلك القفيز والمكيل يصلح أن يكال به الحنطة والشعير والتراب وكل ما يكال.
فأما قولهم : لي مثله رجلا فمشبه بذلك ؛ لأن المثل مقدار فذلك الأصل ولكنهم يتسعون في الكلام فيقولون : لي مثله رجلا وهم يريدون : في شجاعته وغنائه أو غير ذلك.
فإذا قلت : لي مثله زيدا فذلك على بابه إنما يريد : مثل شيء في وزنه وقدره والهاء في مثله حالت بين مثل وبين زيد أن تضيفه إليه وكذلك النون في (منوان) فنصبته كما نصبت المفعول لما حال الفاعل بينه وبين الفعل بينه وبين الفعل.
ولو لا المضاف والنون لأضفته إليه ؛ لأن كل إسم يلي إسما ليس بخبر له ولا صفة ولا بدل منه فحقه الإضافة وسيتضح لك ذلك في باب الخفض إن شاء الله.
__________________
(١) التّمييز وهو اسم نكرة فضلة يرفع ابهام اسم أو اجمال نسبة.
فالأوّل بعد العدد الأحد عشر فما فوقها إلى المائة وكم الاستفهاميّة نحو كم عبدا ملكت وبعد المقادير ك رطل. زيتا وك شبر أرضا وقفيز برّا وشبههنّ من نحو (مثقال ذرّة خيرا) ونحى سمنا ومثلها زبدا وموضع راحة سحابا وبعد فرعه نحو خاتم حديدا
والثّاني اما محوّل عن الفاعل نحو (واشتعل الرّأس شيبا) أو عن المفعول نحو (وفجّرنا الأرض عيونا) أو عن غيرهما نحو (أنا أكثر منك مالا) أو غير محوّل نحو لله درّه فارسا. انظر شرح شذور الذهب ١ / ٣٢٩.